وقوله تعالى: {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ}؛ أي: قد هيَّأنا للإيمانِ بها قومًا ليسوا بها جاحدين، قيل: هم أهلُ المدينةِ، وهو بشارةٌ بإيمانِ الأنصار؛ لأنَّ السُّورةَ مكيَّةٌ.
وقيل: قد أقمنا لمراعاةِ النُّبوَّة والشَّرائعِ والقيام بها هؤلاء الأنبياء، وقد بشَّروا بخروجِكَ، ووَصفوا حالَك، وهذا أرفعُ لقدرِكَ مِن تصديقِ أشراف أهل مكَّة.
وقيل: الموكَّلون بها هم الملائكة.
وجملتةُ: أنَّه لا ضعفَ في حالِكَ بتكذيبِ أهل مكَّة، فقد صدَّقكَ الأنبياءُ والملائكةُ، ومن آمنَ مِن الجنِّ والإنس.
قال الزهري: هم العجمُ.
وقال مجاهد: هم الفرس، وهو كالأوَّل.
وقال أبو روق: هم علماءُ أهل الكتاب الذين أسلموا (١).
والقولُ الأوَّل أنّهم أهلُ المدينة والأنصار: قولُ ابنِ عبَّاس رضي اللَّه عنهما (٢) والكلبيِّ.
* * *
(٩٠) - {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}.
وقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} الاقتداءُ: الاتِّباع، وقد
(١) انظر: أقوال الزهري ومجاهد وأبي روق في "التفسير البسيط" (٨/ ٢٦٧).
(٢) رواه عنه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٣٨٩)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٣٣٩) (٧٥٧٤).