وقوله تعالى: {وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ}؛ أي: أصنامَكم التي قلتم: إنها شفعاءُ لكم وشركاءُ لي.
وقوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} قرأ نافعٌ وأبو جعفر (١) والكسائيُّ، وعاصم في رواية حفص: {بَيْنَكُمْ} بالنَّصب؛ أي: ما بينكم، أو: تقطَّعَ الودُّ بينكم، أو السَّببُ الذي (٢) بينكم.
وقرأ الباقون: {بَيْنَكُمْ} برفع النُّون (٣)؛ لأنَّه في معنى الاسم، ومعناهُ: تقطَّع وصلُكم.
وقوله تعالى: {وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}؛ أي: بَطَلَ ما قلتُم: إنَّها شفعاؤكم.
وقال عكرمة: قال النَّضر بن الحارث: يَشفعُ لي اللَّاتُ والعُزَّى، فنزلَت هذه الآيةُ (٤).
والآيةُ الأولى وعيدٌ لهم عند الموت، وهذا وعيدٌ لهم بعد البعث، و {بَيْنَكُمْ} بالرَّفع؛ أي: وصلُكم، والبينُ الفصلُ أيضًا، وهو مِن الأضداد.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى} دخلتَ الدُّنيا بخِرْقَةٍ، وخرجتَ منها بخِرقَةٍ، ألا وتلك الخِرْقةُ أيضًا لبسة (٥)، وما دَخلتَ إلَّا بوصفِ التَّجرُّد (٦)، ولا خرجتَ إلَّا بحكمِ التَّجرُّد، ثمَّ الأثقالُ والأوزارُ والأحمالُ والأوضار
(١) قوله: "وأبو جعفر": زيادة من (ف).
(٢) لفظ: "الذي" من (أ).
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ٢٦٣)، و"التيسير" (ص: ١٠٥)، و"النشر" (٢/ ٢٦٠).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٤١٧)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٣٥٠) (٧٦٤٤).
(٥) كذا، ولم يتبينها محقق "لطائف الإشارات" فترك موضعه نقاطًا، فاللَّه أعلم.
(٦) في (ر): "التردد".