والمعصيةِ مِن اللَّه، وليس إضافةُ ذلك إليه بأكبرَ مِن إضافةِ الإغواءِ والإضلال إليه، فقد ثبتَ ذلك، ومعناه ما مر مرَّات (١).
وقوله تعالى: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}؛ أي: ثمَّ يكونُ إلى جزاءِ اللَّه تعالى مصيرُهم يومَ القيامةِ، فيُخبِرُهم بما عمِلوا ويَجزيهِم عليه.
* * *
(١٠٩) - {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ}.
وقوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}؛ أي: حلفَ هؤلاء المشركون باللَّهِ مجتهدين في الحَلِفِ، مظهِرينَ للوفاء به.
وقوله تعالى: {لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا}؛ أي: كالآياتِ الظَّاهرةِ التي كانت لموسى وعيسى وغيرِهما، ممَّا لا يمكَنُ معارضتُه وإنكارُه.
وقيل: هي ما ذُكِرَ في قوله: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} الشعراء: ٤.
وقيل: هي ما اقترحوهُ ممَّا ذُكِرَ في قولِه: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} الآيات (٢)، قالوا: لو جاءت هذه الآية لنصدقنَّ بها، ولنَشهدَنَّ لك بالنُّبوَّةِ ولنَدعَنَّ عبادةَ الأصنام.
وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ}؛ أي: هي مِن عندِهِ تجيء، وهو يَأتي بها، لا أنا.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٢١٢).
(٢) في سورة الإسراء من الآية (٩٠) إلى الآية (٩٣).