أحدُهما: أن يكون كلُّ واحدٍ منهما بين اللَّه وعبدِه، العبادةُ من العبدِ وهي للَّهِ تعالى، والاستعانةُ فعلُ العبد وهي طلبُه من اللَّه تعالى.
والثاني: أن العبادةَ من العبد للَّه تعالى، والمعونةَ من اللَّه تعالى للعبد، وهذا أظهرُ؛ لأنه قال في بقية السورة: "هذا لعَبْدي ولعَبْدي ما سَأل" (١) لمَّا كان نفعُ الهدايةِ للعبد جعَله للعبد، فكذلك نَفْعُ المعونة (٢).
ثم دلَّت هذه القسمةُ على أنَّ التسميةَ ليست من الفاتحة، فإنه جعَل السورةَ نصفين، ثم جعل هذه الآيةَ المتوسطةَ نصفين، وقَبْلَها ثلاثُ آياتٍ بدون التسمية، فتصيرُ مع نصفِ هذه الآية نصفَ السورة، ونصفُ هذه الآية مع الثلاثِ الآيات التي بعدها نصف السورة، وهي سبعُ آياتٍ.
وأنه لم يَعدَّ البسملة (٣) في تقسيمها، بل بدأ بقوله: "فإذا قال العبد: الحمد للَّه، قال اللَّه تعالى: حَمِدني عبدي" (٤).
وهذا قولُ قرَّاء المدينة والبَصرة وفقهاءِ الكوفة، وعلى ذلك دلَّتِ الأخبارُ وآثار الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم.
* * *
(٦) - {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}.
وقوله تعالى: {اهْدِنَا}: انتظامه بما قبله: أن قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} إظهارُ
(١) قطعة من الحديث السابق.
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٣٦٥)، وفي نقل المؤلف شيء من التصرف.
(٣) في (أ): "التسمية".
(٤) قطعة من الحديث السابق.