{لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} لمائدة: ٨٧، فنُهوا عن ذلك بتلك الآية، وأُمِروا بأكلِها في هذه الآية.
أو (١) علمَ اللَّهُ تعالى أنَّ قومًا من المتقشِّفةِ والمتزهِّدةِ يُحرِّمون ذلك على أنفسِهم، فنهاهم عن ذلك.
وإنْ حُمِلت الآيةُ على المشركين، فمعنى قوله: {إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ} لما تعلمونَ أنَّ الخلقَ له، والأمرَ له، وقد بيَّن في الآيات ما تَعلَمون به ذلك (٢).
* * *
(١١٩) - {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ}.
وقوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}؛ أي: وأيُّ عذرٍ لكم في {أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}؛ أي: عند الذَّبح.
وقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} قرأ ابنُ كثير وأبو عمرو وابن عامر: {فُصِّلَ} و {حُرِّم} على ما لم يسمَّ فاعلُه (٣).
وقرأ نافعُ وأبو جعفر (٤)، وعاصمٌ في رواية حفص، وسهلٌ ويعقوبُ جميعًا بالفتح (٥): {فَصَّلَ} و {حَرَّمَ} على الفعل الظاهر؛ إخبارًا أنَّ اللَّهَ تعالى فعلَ ذلك.
(١) في (أ): "إذ".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٢٢٩ - ٢٣١).
(٣) من قوله: "قرأ ابن كثير" إلى هنا ليس في (ف)، وتأخر إلى ما بعد قوله التالي: "وشارع الحلال والحرام".
(٤) قوله: "وأبو جعفر" من (ف).
(٥) قوله: "وسهل ويعقوب جميعا بالفتح" من (ف).