وحمزةُ لم يؤمن بعدُ، فأُخبِرَ حمزةُ (١) بما فعل أبو جهل، وبيدِ حمزةَ قوسٌ، فأقبلَ غضبان، حتَّى علا أبا جهلٍ بالقوس، وهو يقول: أبا يعلى، يَتضرَّعُ إليه ويستكين، يقول: يا حمزة، أما تَرى ما جاء به، سفَّهَ عقولَنا، وسبَّ آلهتَنا، وخالفَ آباءَنا، فقال حمزةُ: ومَن أسفهُ منكم؟! تَعبدون الحجارةَ مِن دونِ اللَّه تعالى! أشهدُ أن لا إله إلَّا اللَّه وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه (٢).
وقيل: الحياةُ أنواع:
حياةٌ بالرُّوح، قال تعالى: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} البقرة: ٢٨.
وحياةُ الأرضِ بالمطر، قال تعالى: {فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} البقرة: ١٦٤.
وحياةٌ بالإيمان، كما في هذه الآية.
وحياةٌ بالطَّاعة، كما في قوله: {إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} الأنفال: ٢٤.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: قولُه {وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا} يَنقضُ قولَ المعتزلة؛ فإنَّهم يَقولون: العبدُ هو الذي يَجعلُ لنفسِه نورًا يَمشي به، وهو تحريفٌ لظاهرِ القرآن، وعلى هذا قولُه بعد هذا: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} الآية.
قوله: {كَذَلِكَ زُيِّنَ} اختلف في من زيَّنها:
قال الحسن: زيَّنها الشيطانُ لهم.
وقال غيرُه: زيَّنها الأكابِرُ على الأصاغر.
وقال قائلون: زيَّنَها اللَّه.
(١) في (ر): "فحضر حمزة فأخبر" بدل: "فأخبر حمزة".
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ١٨٦ - ١٨٧)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ٢١٩).