وقال عبد العزيز بن يحيى: هو طاعةُ بعضِهم بعضًا، وموافقةُ بعضهم بعضًا.
وقيل: (١) استمتاعُ الإنسِ بالجنِّ: ما كانوا يُلقونَ إليهم مِن الأراجيفِ والسِّحرِ والكهانة، واستمتاعُ الجنِّ بالإنس: قولُهم: نعوذُ بسيِّدِ هذا الوادي من سُفهاءِ أهله، قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} الجن: ٦.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: وقيل: أي: تعاونَ بعضُنا ببعضٍ في المعصيةِ والمخالفةِ؛ هؤلاءِ بالدُّعاء، وهؤلاء بالإجابة.
وقيل استمتاعُ الجنَّ بالإنس: أنَّ عظامَنا طعامُهم، وأرواثَ أنعامِنا علفُ دوابِّهم (٢).
وقوله تعالى: {وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا} قال الإمامُ أبو منصور رحمه اللَّه: قيل الموت، وقيل: البعثُ يومَ القيامة؛ لأنَّهم كانوا ينكرون ذلك، فأقرُّوا به حينئذٍ (٣).
وقوله تعالى: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ}؛ أي: قال اللَّه تعالى: جهنَّمُ مقامُكم، {خَالِدِينَ فِيهَا}؛ أي: في النَّار، {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ}؛ أي: إلَّا مقدارَ وقوفِكم خارجًا منها للعرضِ والحساب، فهم في هذا الوقت مستثنَون عن ذلك.
وقيل: أي: معذَّبون بالنَّار إلَّا ما شاءَ اللَّهُ مِن تعذيبكم بغير النَّار.
وقال عطاء: {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} مَن سبقَ في علمه أنَّه يؤمنُ كما في قوله: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} الجمعة: ٣؛ فمِنهم مَن آمنَ قبل الفتح: بجيد بن وهب (٤)، وخالد بن
(١) ما بين حاصرتين من "تفسير الثعلبي" (٤/ ١٩٠).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٢٥٧).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٢٥٨).
(٤) في (أ) و (ر): "بجير"، ولم أقف عليه.