ومنها: أنَّهم لم يُسوُّوا في هذه القسمة على ما حكينا، فأخبرَ أنَّه بئسَ الحكم، وهو كما قال: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} النجم: ٢١ - ٢٢.
ومنها: أنَّ الأصنامَ لا تملكُ شيئًا، ولا تَعقِلُ شيئًا، فلا معنى لفعلِهم هذا (١).
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: لمَّا بنَوا قاعدةَ أمرِهم على موجبِ الهوى، صارت فروعُهم لائقةً بأُصولهم، فهو كما قيل:
إذا كان القضاءُ إلى ابن آوى... فتعديلُ الشُّهودِ إلى القرودِ (٢)
* * *
(١٣٧) - {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}.
وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ}؛ أي: كما زيَّنوا لهم تحريمَ هذه الحروثِ والأنعام بخلافِ حكم اللَّه، كذلك زيَّن لكثيرٍ منهم شركاؤهم قتلَ أولادِهم بغير أمر اللَّه به، وإذنِه فيه.
والشركاء: الشَّياطين هاهنا، لا الأوثان، فكانوا يُعظِّمون الشَّياطينَ ويَقبلون منهم، فصاروا شركاءَ لهم، أشركوهم باللَّه مِن هذا الوجه، كما كان الأوثانُ شركاءَ لهم، أوقعوا في قلوبِهم (٣) بطريقِ الوسوسة قتلَ البنات؛ خشيةَ الإملاقِ ولحوقِ
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٢٦٦ - ٢٦٧).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٥٠٥)، والبيت ذكره الثعالبي في "التمثيل والمحاضرة" (ص: ١٩٣) دون نسبة.
(٣) بعدها في (ف): "من هذا الوجه"، وهي مقحمة.