وقرأ عاصمٌ في رواية أبي بكر وحمَّاد (١): (وإن تكن) بتاء التَّأنيث، {مَيْتَةً} بالنَّصب؛ لأنَّه خبرُ كان، والاسمُ مضمَرٌ على التَّأنيث؛ وإن تكن الأنعام؛ لأن ما في بطونِ الأنعامِ أنعامٌ.
وقرأ الباقون: {وَإِنْ يَكُنْ} بياء التَّذكير، {مَيْتَةً} بالنَّصب (٢)، والاسمُ: ما في بطون، وهو مذكَّرٌ، معناه: وإن يكن ما في البطن ميتًا، فالذُّكورُ في حلِّ أكلِه والإناثُ سواءٌ.
وقوله تعالى: {سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ} ما تَصِفُ ألسنتُهم مِن التَّحليل والتَّحريم، قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} النحل: ١١٦.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} {حَكِيمٌ} في جزائهم، {عَلِيمٌ} بأفعالهم.
وروَتْ عمرةُ عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: يَعمد أحدُهم إلى مالِهِ، فيَجعلُه للذُّكور مِن ولدِه دون الإناث، فتَجيء المرأةُ الغريبةُ فتَتَبحبحُ في ماله، وجعلَت ابنتُه تَمتدُّ عيناها إلى مالِ أبيها، ما فعلوه إلَّا كما أخبرَ اللَّهُ عنهم: {خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} (٣).
وقال الإمام القشيريَّ رحمه اللَّه: أخبرَ عن أشياءَ ابتدعوها على ما أرادوا، وأمورٍ شرعوها على الوجهِ الذي اعتادوا، ثمَّ أضافوا ذلك إلى الحقِّ بغير دليل، ولا
(١) قوله: "وحماد" من (ف).
(٢) انظر القراءات المذكورة في "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٧٠ - ٢٧١)، و"التيسير" (ص: ١٠٧)، و"جامع البيان" للداني (ص: ٥٠٥ - ٥٠٦)، و"النشر" لابن الجزري (٢/ ٢٦٥ - ٢٦٦).
(٣) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (٤/ ٧) مختصرًا.