والحَمولةُ جمعٌ لا واحدَ لها مِن لفظِها، وسُمِّي صغارُ الإبلِ فرشًا؛ لاستواء أسنانِها في الصِّغر والانحطاط، كاستواءِ ما يُفترَش.
وقال أبو عمرو: الحَمولةُ: الإبلُ، والفَرْشُ: البقرُ والغنم (١)، يقول: أنشأ مِن الأنعامِ حَمولةً يُنتفَع بها بالحملِ، وصِغارًا يُنتفَع بها من وجوهٍ أُخَر.
وقوله تعالى: {كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ}؛ أي: استبيحوا كلَّ هذه الأنعام، وهي الإبلُ والبقرُ والغنم.
وقوله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}؛ أي: ولا تَسلكوا سبيلَ الشَّيطان، ولا تتَّبعوا آثارَهُ في تحريمِها.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} ظاهرُ العداوة. وقيل: أي: مظهِرها، وأبان لازمٌ ومتعدٍّ، فاتَّهموه على أنفسكم وأديانكم.
* * *
(١٤٣) - {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
وقوله تعالى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} ترجمةٌ عن قوله: {حَمُولَةً وَفَرْشًا}.
وقيل: نصب لأنَّه مفعولٌ بقوله: {كُلُوا}.
وقيل: هو على الإغراء؛ أي: عليكم بها، فانتفعوا بها؛ فإنَّ اللَّهَ أباحَها لكم.
و {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ}؛ أي: ثمانيةَ أصنافٍ، أو ثمانيةَ أفرادٍ، كل ذكرٍ وأنثى زوجان.
وقوله تعالى: {مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ} قال الزَّجَّاجُ: الضأنُ جمع ضائن، كالتَّجْر جمع تاجر (٢).
(١) انظر: "الغريبين" للهروي (٥/ ١٤٣٠) (مادة: فرش).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٢٩٩).