ويقال: للزُّهاد والعُبَّاد وأصحابِ الأورادِ وأربابِ الاجتهاد جزاءٌ محصورٌ معدود، ولأهل المواجيد لقاءٌ غيرُ مقطوعٍ ولا ممنوع (١).
* * *
(١٦١) - {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} لمَّا بيَّنَ الذين فرَّقوا دينَهم وكانوا شِيعًا، أمرَه أن يقول: أرْشَدَني اللَّهُ إلى الدِّين (٢) المستقيم.
وقوله تعالى: {دِينًا قِيَمًا} قرأ ابنُ كثير وأبو عمرو ونافع: {قيِّمًا} بالتَّشديد، وهو نعتٌ، كالجيَّد واللَّيِّن والهَيِّن، والباقون بكسر القاف: {قِيَمًا} وتخفيف الياء (٣)، وهو اسمٌ، كالعنب، يُرادُ به النَّعت.
ونصب {دِينًا} على إرادة إعادة: {هَدَانِي}، وذاك يُعدِّى بغير صلةٍ، وباللام وإلى، قال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} الفاتحة: ٦، وقال تعالى: {هَدَانَا لِهَذَا} الأعراف: ٤٣، وقال تعالى: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} البقرة: ٢١٣.
وقوله تعالى: {مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ} هو بدلٌ عن {دِينًا}، وبيانُ أنَّ الدِّينَ القيِّم هذا، وإنَّما ذكرَ ذلك حثًّا لهم على اتِّباعه؛ لأنَّه دينُ أبيهم.
وقوله تعالى: {حَنِيفًا} نصب على القطع؛ لأنَّه نعتٌ بلفظِ النَّكرةِ للاسم المعرفة.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٥١٣ - ٥١٤).
(٢) في (ف): "الصراط".
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ٢٧٤)، و"التيسير" (ص: ١٠٨).