وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه بعد ما ذَكر بعض هذه المقالات: لا يسألُ عمَّا أُظهر وأُبديَ لأن الملائكة قد كتبوا ذلك وثَبت عليهم، ولكنْ يسألُ عمَّا أُسرَّ وأُخفيَ ليَثبت عليهم بإقرارهم.
وقال في قوله تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ} يحتمِل أنه سؤالٌ عما أجابوا {وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} عما أُجيبوا؛ قال تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ} المائدة: ١٠٩، وقال: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} القصص: ٦٥، ويحتمل أن يكون سؤالُ الرسل سؤالَ الشهادة عليهم (١).
* * *
(٨) - {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
وقوله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ}: ذكر بعد السؤال وزنَ الأعمال، و {الوزنُ} مبتدأ، و {الْحَقُّ} خبره؛ أي: هو الحقُّ الكائن المتحقِّق.
وقيل: {الْحَقُّ} نعتُ الوزنِ، و {يَوْمَئِذٍ} ظَرْفه وفيه خبرُه؛ أي: الوزن العدلُ يكون يومئذ.
وقال الحسن: ميزان الآخرةِ لها كفَّتانِ، وإن الحسناتِ والسيئاتِ توضعان في كفَّة الميزان (٢).
وكذا قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما، قال: فأما المؤمن فيؤتى بعمله في أحسن صورة فيوضع في كفة الميزان وهو الحق، فتثقل حسناته على سيئاته فينجو به، وأمَّا
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٣٦٠).
(٢) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٢/ ٢٠١).