وقوله تعالى: {بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ}: أي: بالكتاب والرسولِ يكفرون، والظلم اسم للكفر؛ قال تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} البقرة: ٢٥٤ وقال: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} لقمان: ١٣، ولذلك عدَّاه بالباء بقوله: {بِآيَاتِنَا} -وإن كان لا يقال: ظلَمَ به- لأنه قام مقام لفظة الكفر.
وقيل: الآيات: الحجج، والظلم بها: وضعُها غيرَ موضعها؛ أي: جحودُها (١) وتركُ الانقياد لها.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} توزن أعمالهم بميزان الإخلاص، وأحوالُهم بميزان الصدق، فمَن كانت أعماله بالرياء مصحوبةً لم تُقبل أعماله، ومن كانت أحواله بالإعجاب مَشُوبةً لم تُرفع أحواله (٢).
* * *
(١٠) - {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ}.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ}: أي: جعلنا لكم في الأرض أمكنةً (٣) تستقرُّون عليها وفيها (٤)، كما قال تعالى: {جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا} غافر: ٦٤.
وقيل: أي: مكَّنَّاكم يا أمةَ محمد، وهو بيانُ الإنعام عليهم.
وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ}: أي: هيَّأنا لكم أسبابَ العيش، جمعُ معيشةٍ من المكاسب.
(١) في (ف): "جحدها".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٢٠ - ٥٢١).
(٣) في (ف): "لكم الأرض مكنة".
(٤) "وفيها" ليس في (ف).