وقال سهلُ بن عبد اللَّه التُّسْتَريُّ: هم الذين أنعم اللَّه عليهم بالسُّنَّة (١)، وذلك دليلُ قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} الحجرات: ٧ - ٨.
وقال محمدُ بن عليٍّ: هم الذين أَنعم اللَّه عليهم بشكرِ ما أَنعم عليهم، وذلك لأنَّ النعمة إنما تبقَى لمَن شَكَر لا لمَن كَفَر، فإذا زالتْ فكأنَّها لم تكن.
وقال عليُّ بن الحسين بن واقِدٍ: هم الذين أنَعم اللَّه عليهم بالشكر على السَّرَّاء والصبرِ على الضَّرَّاء (٢)؛ لأنَّ الشكر لا يَتمُّ إلا بالصبر.
وقال الحسنُ رحمه اللَّه: هم الصحابةُ الأربعةُ، ودليلُه ما تلَوْنا: {أُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} الآية، وهي نَزَلت فيهم.
وقال الإمامُ القُشيريُّ رحمه اللَّه: هم الذين أَنعَم اللَّه عليهم بالهدايةِ إلى الصِّراط المستقيم؛ لأنها هي المذكورةُ قبله، وهم الأنبياءُ والأصفياء (٣).
وقال الحسينُ بن الفَضل: هم الذين أتمَّ اللَّه عليهم النعمةَ وخَتَم لهم بالموت (٤) على الإسلام؛ لأنه هو النعمةُ بالحقيقة.
هذه أقاويل المفسرين، وفيه أقاويلُ للمحقِّقين:
قال جعفرُ بنُ محمدٍ الصادقُ رضي اللَّه عنه: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} بالعلم بكَ والفهمِ عنك (٥).
(١) رواه الثعلبي في "تفسيره" (١/ ١٢١) بلفظ: (طريق السنَّة والجماعة لأن البدعة لا تكون مستقيمة).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١/ ١٢٢) وتحرف في مطبوعه: "واقد" إلى: (داود).
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥١).
(٤) في (ف): "بختمهم"، وفي (أ): "بجمهم"، بدل: "وختم لهم بالموت".
(٥) ذكره السلمي في "تفسيره" (١/ ٤٣).