بالعمل، بل هو محضُ فضل اللَّه تعالى وَعَدهم على (١) الطاعات؛ كالميراث من الميت لا يكون عوضًا مستحَقًّا عن شيء بل هو عطيةٌ خالصة.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: قال بعض الناس: إن المعتزلة خالفوا اللَّه تعالى فيما أَخبر، وخالفوا الرسلَ فيما أَخبروا عن اللَّه تعالى، وخالفوا أهل الجنة والنار، وخالفوا إبليس:
اما مخالفةُ اللَّه: فإنه قال: {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} النحل: ٩٣.
وأما مخالفة الرسل: فقد قال نوح عليه السلام: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} هود: ٣٤.
وأما مخالفة أهل الجنة: فقولهم: {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} الأعراف: ٤٣.
وأما مخالفة أهل النار: فقوله تعالى: {لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ} إبراهيم: ٢١.
وأما مخالفة إبليس: فقول إبليس: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} الحجر: ٣٩ فهو أعلم باللَّه من المعتزلة (٢).
وقال مقاتل رحمه اللَّه في قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}: وذلك أن أهل الجنة لمَّا انتهوا إلى باب الجنة إذا هم بشجرةٍ تنبع من ساقها عينان، فيميلون إلى إحداهما فيشربون منها، فيُخرج اللَّه تعالى ما كان في أجوافهم من غلٍّ وقَذَر فيُطهِّر أجوافهم بذلك، وذلك قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} الإنسان: ٢١، ثم يميلون إلى العين الأخرى فيغتسلون منها، فيطيِّب (٣) اللَّه تعالى أجسادهم من كلِّ
(١) في (ر): "وعده من".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٤٢٧)
(٣) في (أ): "فيطهر"، والمثبت موافق لما في "تفسير مقاتل".