قوله تعالى: {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}: قيل: من يوم الأحد إلى يوم الجمعة.
وقيل: هي كأيام الدنيا.
وقيل: هي كأيام الآخرة كلُّ يوم ألفُ سنة.
وكان قادرًا أن يخلقها كلَّها في أقلَّ من لحظة فـ {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} يس: ٨٢، لِمَا قال (١) سعيد بن جبير رضي اللَّه عنه: إنما فعَل ذلك تعليمًا لخلقه التأنِّيَ والتثبُّت في الأمور (٢).
وقيل: ذكرُ المدةِ عبارةٌ عن إحكام خَلْقهما وإتقانِ صُنْعهما، على ما تعارفه الناس فيما بينهم في الإخبار عن إحكام الشيء بإضافته إلى وقتٍ ممتدٍّ.
وقيل: هو دلالةٌ على تركه معاجَلة العصاة بالعقاب، لا لعجزٍ (٣) عن ذلك، لكن إظهارًا لحكمه (٤)، وتنبيهًا للعباد على الرجوع إلى بابه، وإمهالًا للعبد ليتمكَّن من إصلاح أمره.
وقيل: فعَل ذلك لاعتبارِ الملائكة بخَلْق شيءٍ بعد شيء.
وقيل: تدبيرُ الحوادث على إنشاء شيءٍ بعد شيءٍ على ترتيب هو (٥) أدلُّ على عالِمٍ مدبِّر مريدٍ يصرِّفه على اختياره، ويجريه على مشيئته.
وقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}: أي: الملك، يقال: ثُلَّ عرش فلان؛ أي:
(١) أي: لكن لم يفعل ذلك لما قال. . .
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٢٣٨)، والواحدي في "البسيط" (٩/ ١٦٧)، والبغوي في "تفسيره" (٣/ ٢٣٥).
(٣) في (أ): "لا العجز"، وفي (ف): "لا لعجزه".
(٤) في (ف): "لحكمته".
(٥) "هو" ليس في (أ).