وقوله تعالى: {بِأَمْرِهِ} قيل: أي: بتسخيره.
وقيل: أي: بأمر اللَّه يجرِيْنَ ويَنفعن الخَلْق.
وقيل: هو أمر التكوين؛ قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} يس: ٨٢.
وقوله: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}: أي: له الخلائق ملكًا، وله أن يأمرهم بما شاء قطعًا.
{تَبَارَكَ اللَّهُ}؛ أي: تعالى اللَّه. وقيل: تعظَّمَ اللَّه.
وقيل: كثُر خيره ودام بِرُّه، أثنى على نفسه بما فعَل في خلقه، ودلَّ بذلك على أنه يَلزمُ العبادَ الثناءُ عليه بذلك، ثم صرح ذلك بما بعدَه وهو قولُه تعالى:
* * *
(٥٥) - {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.
{ادْعُوا رَبَّكُمْ}: أي: اعبدوه علانيةً وسرًا، وارفعوا إليه حوائجكم {تَضَرُّعًا}؛ أي: تذلُّلًا وتخشُّعًا، والضَّراعة: الذِّلة، من حدِّ عَلِم {وَخُفْيَةً}؛ أي: إخلاصًا؛ لأن الخفيَّ لا يدخله رياءٌ؛ قال تعالى: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} مريم: ٣.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}: أي: المشركين؛ إذا جُعل الدعاء بمعنى العبادة، فأما على الدعوة والسؤال فمعناه: أي: المجاوزِين الحدَّ في الدعاء وفي غيره، وهو نهيٌ عن الجهر في غير موضعه.
وروى أبو موسى الأشعريُّ: أنهم كانوا مع النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزاةٍ، فأشرفوا على وادٍ فجعلوا يكبِّرون ويهلِّلون رافعي أصواتهم، فقال: "أيها الناس! اربَعوا على أنفسكم، لستُم تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنكم لتَدْعون سميعًا قريبًا إنه لمعَكم" (١).
(١) رواه البخاري (٤٢٠٥)، ومسلم (٢٧٠٤). وفي هامش (أ): "الربع: الكف".