وقال القشيريُّ: إنهم طاحوا في أودية التفرقة، واستطابوا صحبةَ الأغيار، فشَقَّ عليهم حين طولبوا بهجران العادة والقرار في ساحات التوحيد حتى قالوا ما قالوا (١).
وقوله تعالى: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}: أي: بما تُوْعِدنا به من العذاب إن كنت صادقًا في هذه الأخبار.
* * *
(٧١) - {قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ}.
وقوله تعالى: {قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ}: أي: قال هود (٢): قد وجَب عليكم من ربكم عذاب وجوبًا لا خُلف فيه، فكأنه قد وقع، وهو كقوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} النحل: ١.
والرِّجس أصله: النَّجَس، وهو المستقذَر، فالرجس عذابٌ يتجنَّبه أولو الألباب.
وقيل: الرِّجس هو زيادة الكفر بالرَّين على القلوب؛ كما في قوله: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} التوبة: ١٢٥.
والغضب: السخط، وقيل: هو إرادة الانتقام، وقيل: هو إحلال العقوبة بمن يستحقُّها.
وقوله تعالى: {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}: أي: أصنامٍ هي جماداتٌ سمَّيتُموها بأسماءٍ لم يَجعل اللَّه لها شيئًا من
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٤٥).
(٢) في (ر): "أي قد قالوا هو".