وقوله: {بِآيَاتِنَا} لم يبيِّن آياته التي أعطاها هودًا.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: فليس بنا إلى معرفة ذلك من حاجةٍ سوى ما أَخبر أنَّ ما حل بهم من العذاب كان بتكذيبهم الرسلَ والآيات (١).
وقوله تعالى: {وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ}: تأكيد قوله: {كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}.
وقيل: أي: لم يكونوا ليؤمنوا وإنْ تأخَّر عنهم العذاب.
وقال محمد بن إسحاق: فلمَّا عتى عادٌ وتجبَّروا وأَفسدوا في الأرض كلِّها، وقهروا أهلها، أمسك اللَّه تعالى عنهم المطر ثلاث سنين، فبعثوا وفدًا إلى مكة ليَستسقوا لهم.
وكان أهل مكة يومئذ العماليقَ أولادَ عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح، وسيدُهم إذ ذاك معاويةُ بن بكر، وكان أبوه حيًّا ولكنه كبر.
فلما قُحطوا بعثوا قَيلَ بنَ عترٍ (٢)، ولقيم بن هزَّال بن هزيل بن عُتيل (٣)، ومَرثد بن سعد بن عفير وكان مسلمًا يكتم إيمانه، وجُلْهُمة بن الخيبريِّ خالُ معاوية بن بكر، ثم بعثوا لقمانَ بن عادٍ الأكبر، فانطلق كلُّ رجل من هؤلاء القوم برَهْطٍ من قومه حتى بلغ عددُهم سبعين رجلًا، فلمَّا قدموا مكة نزلوا على معاوية بن بكر وهو بظاهر مكة خارجَ الحرم، فأكرمهم وأنزلهم وكانوا أخوالَه وأصهاره، فلمَّا نزلوا عليه أقاموا عنده شهرًا يشربون الخمر وتغنِّيهم الجرادتان قَيْنَتان كانتا لمعاوية.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٤٧٨).
(٢) في (ر) و (ف): "عثر"، والمثبت من (أ)، ومثله في "تاريخ الطبري" (١/ ١٣٤)، و"البداية والنهاية" (١/ ٢٩٥)، وجاء في المصادر أيضًا: (عنز) و (عير).
(٣) "ولقيم بن هزال بن هزيل بن عُتيل" كذا في "تاريخ الطبري" (١/ ١٣٤) وزاد: بن صد بن عاد الأكبر، وفي "تفسيره" بتحقيق الأستاذ محمود شاكر (١٢/ ٥٠٩): (ولقيم بن هزّال بن هزيل، وعتيل بن صُدّ بن عاد الأكبر).