آمَنَ مِنْهُمْ}: هو بدلٌ عن الأول، وهو بدلُ البعض عن الكلّ؛ لأن من المستضعَفين مَن لم يؤمن باللَّه.
وقوله تعالى: {أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ}: سألوهم عن العلم فأجابوهم عن الإيمان، وهو خلافُ جوابهم في الظاهر.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: وله وجهان:
أحدهما: أن معنى قوله: {أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ}: أتؤمنون؟ لأنه استفهام بمعنى الاستنكار، وإنما يُستنكر على الإنسان صنعُه، والعلم قد يقع له بغيرِ صُنعه، لكن معناه: أتعلمون ذلك بقلوبكم (١) وتعتقدونه وتُقِرُّون به، فأجابوا بالإيمان لأن السؤال كان عنه معنًى.
والثاني: أن في الجواب إضمارًا، وتقديره: إنَّا عالمون بذلك ومؤمنون به (٢).
* * *
(٧٦) - {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ}.
وقوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ}: أَخبروا أنهم مخالفون لهم.
وقال القشيري رحمه اللَّه: أجرى اللَّه تعالى سنَّته أنه لا يختصُّ بإفضاله، وجميلِ صُنعه وإقباله، في الغالب من عباده، إلا مَن لا يَسْموا إليه طَرْفٌ بالإجلال، ولا يُوضع له قَدْرٌ بين الأضراب (٣) والأشكال، فأنصارُ كلِّ نبيٍّ إنما هم ضعفاءُ وقته، ثم
(١) "بقلوبكم" ليس في (أ).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٤٨٢).
(٣) في (أ): "الأقران"، والمثبت موافق لما في "اللطائف".