قوله تعالى: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا}: قد ذكر أهل التأويل له وجوهًا، والإمام أبو منصور ردَّها واعتمد على هذا القول: أن معناه: ولا يكون منَّا دخول في ملتكم إلا أن يكون اللَّه تعالى شاء ذلك منا، خاف شعيب أن يكون سبق منه زلةٌ أو تقصيرٌ يقع منه الاختيار لذلك فشاء اللَّه تعالى له (١) ذلك، وكذا الأنبياء كلُّهم خافوا ذلك، وكان خوفهم أكثر من خوف غيرهم (٢).
قوله تعالى: {وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا}: ونحن لا نعلم إلى (٣) ماذا يصير أمرنا.
قوله تعالى: {عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا}: أي: اعتمدنا في دفع شرِّكم وكفايةِ أمركم.
ثم دعَوا ربهم، وذلك قوله تعالى:
{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا}: أي: اقضِ بيننا {وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ}؛ أي: بحُكمك الذي هو الحقُّ، وهو وصفُ تحقيقٍ لا وصفُ تمييزٍ، كما مر في قوله: {النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} المائدة: ٤٤.
قوله تعالى: {وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ}: أي: القاضِين، فلا محاباةَ في حُكمك، ولا ميلَ ولا زللَ ولا رشوةَ ولا شفاعة، والقضاءُ بالحق يفتح الأمرَ المنغلِق، ولذلك سمي فتحًا.
* * *
(٩٠) - {وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ}.
قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا}: أي: في الأمر بإيفاء الكيل والوزن {إِنَّكُمْ إِذًا}؛ أي: حينئذ -هو اسم زمان- {لَخَاسِرُونَ} الأموالَ.
(١) "له" من (ف).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٥٠٤). وفي كلامه نظر ظاهر، فكيف يعقل أن يفكر نبي أو يخطر بباله أو بال مؤمن أن اللَّه قد يشاء له المصير إلى ملة الشرك.
(٣) "إلى" من (ف).