(٩٢) - {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ}.
قوله تعالى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا}: أي: لم يقيموا، وقد غَنِيَ بالمكان؛ أي: أقام، من حدِّ عَلِم، والمغاني: المنازل.
قوله تعالى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا} كرَّر لتغليظ الأمر في تكذيبهم شعيبًا.
{الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ}: لا المؤمنون بشعيب الذين قالوا لهم: {إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} فإنهم خسروا أنفسَهم وأموالَهم ودينَهم ودنياهم وآخرتَهم.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: كانت لهم غلبة في وقتهم، ولكنْ لمَّا اندَرست آثارهم سقط صِيتُهم، وخمل ذكرُهم، وتقشَّع سحاب مَن توهَّم أن فيهم شيئًا.
قوله: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ} الحقُّ غالب في كلِّ أمرٍ، والباطل زاهقٌ بكلِّ وصفٍ، وإذا كانت العزةُ نعتَ مَن هو أزليُّ الوجود، والجلالُ حقَّ مَن هو الملِك المعبود، فأيُّ أثر للفطرة مع القدرة، وأيُّ خطرٍ للعلل مع الأزل (١)؟
* * *
(٩٣) - {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ}.
قوله تعالى: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ}: أي: أَعرَضَ إعراض يأس (٢) عن إيمانهم، {وَقَالَ} عند الإعراض: {يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ}؛ أي: فلم تقبلوا، ثم قال: {فَكَيْفَ آسَى}؛ أي: أحزنُ {عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} إذ كيف أُظهِر الحزنَ على هلاك قومٍ انقطعت بيني وبينهم الولاية لكفرهم باللَّه.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٥١).
(٢) في (ف): "يائس".