وقال الإمام القشيري: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ} نَجَم في الغدر طارقُهم، وأفَلَ من سماء الوفاء شارقُهم، وعُدِم أكثرهم رعايةَ العهد، وحَقَّ من الحقِّ فيهم قسمةُ الردّ.
قال: ويقال: شكا عن أكثرهم إلى أقلهم، فالأكثرون من ردَّتهم القسمة، والأقلون من قبلتهم الرحمة (١).
* * *
(١٠٣) - {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}.
قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا}: أي: أرسلنا {مِنْ بَعْدِهِمْ}؛ أي: بعد الأنبياء الذين (٢) مرت قصصُهم {مُوسَى} هو موسى بن عمران بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام
قوله تعالى: {بِآيَاتِنَا}: قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: أولها العصا وآخرُها الطَّمس (٣)، وهو تسعٌ: العصا واليدُ البيضاء والسِّنون والطُّوفان والجرادُ والقمَّل والضفادعُ والدمُ والطَّمس.
{إِلَى فِرْعَوْنَ}: هو الوليد بن مصعب بن ريان، وكنيتُه أبو مُرَّة.
وقال أهل الكتابين: اسمه قابوس بالسُّريانية، وكان من القِبْط، وعُمِّر أكثر من أربع مئةِ سنة.
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: إن فرعون موسى ملَك مصر واستعبد بني
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٥٤)، وفيه: (الوصلة) بدل: "الرحمة".
(٢) في (ف): "التي".
(٣) لم أجده عن ابن عباس، وقاله مقاتل. انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٥٥٣).