سفهاءَ قليلة أحلامهم (١) يلعنون البهائم ويستغفرون من الذنوب، يرفع أحدهم اللُّقمة إلى فيه فلا تستقرُّ في جوفه حتى تَغفرَ له، يفتتحُها باسمك ويختمُها بحمدك فاجعلهم أمتي، قال: هم أمة محمد، قال: يا رب، بسطتَ هذا الخير لمحمدٍ وأمَّته، اجعلني من أمة محمد، قال: فقال اللَّه تعالى: {قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} الآية الأعراف: ١٤٤، فرضيَ موسى وفي نفسه شيءٌ، فقال اللَّه تعالى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} الأعراف: ١٥٩ (٢).
* * *
(١٤٦) - {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}.
وقوله تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}: ويحتمل أنها متصلةٌ بقصة بني إسرائيل، ومعناه: خذوا بأحسنها بجِدٍّ ونشاط فإنِّى أصرفُ عنها المتكبِّرين، فلا تتكبَّروا لئلا تُصرفوا عنها فتضيِّعوها.
ويحتمِل أن يكون هذا كلامًا معترِضًا خلال هذه القصة إخبارًا للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في حقِّ آيات القرآن.
وقال سفيان بن عيينة: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ}؛ أي: أَحْرِمُهم فَهْمَ القرآن (٣).
وقال ذو النُّون: أبى اللَّه أن يُكرم قلوبَ البطَّالين بمكنونِ حكمةِ القرآن (٤).
(١) في (ر): "أخلاقهم"، والمثبت من (أ) و (ف)، وفي هامش (ف): "أي: عقولهم".
(٢) رواه بنحوه الثعلبي في "عرائس المجالس" (ص: ٢٨٠ - ٢٨٢)، وفي "تفسيره" (٤/ ٢٨٠)، ومن طريقه البغوي في "تفسيره" (٣/ ٢٧٩)، ورواه أيضًا أبو نعيم في "الحلية" (٥/ ٣٨٦).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٤٤٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٥٦٧)، والثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٢٨٤) واللفظ له.
(٤) رواه الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٢٨٤).