وقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} الآية: قال القشيري رحمه اللَّه: أخبر بهذه الآية عن سابق عهده وصادق وعده، وتأكيدِ ودِّه بتعريف عبده، وفي معناه أنشدوا:
أَفديكَ والأيامُ أيضًا كلُّها... يَفْدِينَ أيامًا عرَفْتُكَ فيها (١)
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: تكلم الناس في تأويل هذه الآية، فمنهم مَن يقول: ذلك عندما خلَق آدم أَخرج مَن يكون من ذرِّيته مثلَ الذرِّ فعرَض عليهم قولَه: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} لكنهم اختلفوا.
فمنهم مَن يقول: جُعلوا بالمبلغ الذي يجري على مثله القلم، وهو قول الحسن.
ومنهم مَن يقول: عرَض ذلك على الأرواح دون الأبدان.
ومنهم من يقول: بلا عَرْضٍ إنه خلَق صنفين فقال: هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، وهؤلاء إلى النار (٢) ولا أبالي.
ومنهم مَن يقول: عرَض الكلَّ على ما عليه أحوالُهم وآجالُهم في الدنيا.
واللَّه أعلمُ كيف كانت القصة، أو (٣) كيف ترى أحوال الفقر والغنى في الذر، أو (٤) كيف قال: هؤلاء في كذا ولا أبالي، مع اجتماعهم على القول بـ {بَلَى}؛ لقوله تعالى (٥): {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}.
وقد رأينا في تلك الأخبار ما كان حفظُ الناس -وبخاصةٍ حفظُ العوام وأهلِ
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٨٥).
(٢) في (أ) و (ف): "هؤلاء للجنة. . . وهؤلاء للنار".
(٣) في (أ) و (ف): "و".
(٤) في (ف): "و".
(٥) في "التأويلات": (لما عرض عليهم قوله)، بدل: "لقوله تعالى".