وذكر الدَّعواتِ من آدم في أوَّلها ومن إبراهيمَ صلواتُ اللَّه عليهما في وسطِها، ومن المؤمنين من سؤالِ الحُسنيين من بعدها، ومن المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن (١) الأمة في آخرها.
وأما الأربعةُ: فإن الفاتحة لمَّا أُنزلت أولَ شيءٍ وقرأها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وسمعَها الناس وفيها دعاءٌ إلى التوحيد وغيرِ ذلك مما قلنا، صار السامعون أربعةَ أصنافٍ:
صنفٌ: كانوا (٢) عبدةَ الأصنام (٣)، فآمَنوا به ظاهرًا وباطنًا.
وصنفٌ: كانوا أهلَ الكتاب ومؤمنين بالماضين من الرسل، فآمنوا به ظاهرًا وباطنًا أيضًا.
وصنفٌ: كفروا به وكذَّبوه ظاهرًا وباطنًا.
وصنفٌ: خافوا سيفَه فآمَنوا به ظاهرًا وكفروا به باطنًا.
فذكَرهم اللَّه تعالى جميعًا في أول هذه السورة:
فإن قولَه: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} الآيةَ في الصِّنف الأول.
وقولَه: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} في الصِّنف الثاني.
وقولَه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} (٤) الآيتين في الصِّنف الثالث.
وقولَه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآياتِ في الصِّنف الرابع.
(١) "من": ليست في (ف).
(٢) في (ف): "كان".
(٣) في (أ): "الأوثان".
(٤) في (ر): " {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} ".