وقال عبادة بن الصامت: هي في قريش، آتاهم اللَّه آياته، فانسلخوا منها فلم يقبلوها فأهلكهم اللَّه، فحذَّر هؤلاء أن يكونوا أمثالهم (١).
وقال قتادة: هذا مثلٌ ضربه اللَّه تعالى لمن عُرض عليه الهدى فأبى أن يقبَله (٢).
وقال الحسن: هو المنافق لا يُنيب إلى الحق دُعي أو لم يُدْعَ، وُعظ أو لم يُوعَظْ، كالكلب يلهثُ طُرد أو تُرك (٣).
وقال ابن كيسان: نزلت في منافقي أهل الكتاب الذين كانوا يعرفون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كما يعرفون أبناءهم (٤).
* * *
(١٧٧) - {سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ}.
وقوله تعالى: {سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ}: {سَاءَ} بمعنى: بئس، و {مَثَلًا} نصبٌ على التفسير فإنها تَنصب النكرات، تقول: بئس رجلًا زيدٌ، و {الْقَوْمُ} اسمه المعرفةُ، ومعناه: وما أسوأ هذا المثَلَ الذي ضربناه للَّذين كذَّبوا بآياتنا، وإنما استوجبوا هذا المثل لتقبيحِ (٥) الحال بتكذيبهم بآياتنا، وظلمِهم أنفسَهم إذ جَنَوا عليها بما يوجبُ الذمَّ في الدنيا والعقوبةَ في العُقبى.
وقيل: لا سوء في المثل، إنما السوء في الممثَّل، ومعناه: ساء القومُ الذين مثَلُهم
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٣٠٧).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٥٨٧)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٦١٧).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٣٠٩)، والواحدي في "البسيط" (٩/ ٤٦٩). ورواه بنحوه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٥٨٧).
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٣٠٨)، والبغوي في "تفسيره" (٣/ ٣٠٤).
(٥) في (أ): "القبيح".