وقوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ}: أي: خلَقْنا (١) {كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} وهم الكفار المعرِضون عن تدبُّر آيات اللَّه، واللَّهُ تعالى عَلِم منهم اختيارَ ذلك فشاء منهم ذلك، وخلق منهم ذلك (٢)، وجعل مصيرَهم إلى جهنم لذلك.
وقوله تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا}: أي: لا يفهمون بها الحقَّ ولا يتفكَّرون فيه.
وقوله تعالى: {وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا}: أي: الحقَّ، ولا ينظرون إلى الآيات في الآفاق والأنفُسِ نظرَ اعتبارٍ واستدلال (٣).
وقوله تعالى: {وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا}: أي: لا يُصغون إلى ما يُتلى عليهم من آيات اللَّه والمواعظِ، فهم لتركهم استعمالَ هذه الآلات (٤) فيما خُلقت لها كأنهم عُدِموها.
وقوله تعالى: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ}: أي: كالبهائم في أنها لا تعقِلُ ولا تميِّز.
وقوله تعالى: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ}: عن الطريق المستقيم منها؛ لأنَّها مع عدم العقول تجتنِب مَضارَّها، والكفارُ لا يجتنِبون مضارَّهم بل يقفون على الكفر مع علمهم بأنه يُوردهم النار.
وقال الكلبي ومقاتل (٥): {بَلْ هُمْ أَضَلُّ} لأن الأنعام تَعرف ربَّها وتذكره وتطيعه والكافر لا يعرفه ولا يذكره ولا يطيعه (٦).
(١) في (ف): "أي خلقًا كثيرًا".
(٢) "وخلق منهم ذلك": ليس من (أ).
(٣) في (ف): "الاعتبار والاستدلال"، وفي هامشها ما يوافق المثبت.
(٤) في (أ) و (ف): "الآيات".
(٥) "ومقاتل": زيادة من (أ) و (ف).
(٦) ذكره عنهما الواحدي في "البسيط" (٩/ ٤٧٧)، وهو في "تفسير مقاتل" (٢/ ٧٦). ووقع هنا في (ر): "وكذا قال مقاتل".