وزوالِ جبالها؛ أي: يَستعظِم قيامَها أهلُ السماوات والأرض لهذه الأمور الهائلة وأنتم تسألون عنها مستعجلين لها غافلين عما يكون عليكم فيها؟ كما قال تعالى: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا} الشورى: ١٨.
وقيل: أي: عظُم وصفُها على أهل السماوات والأرض.
وقوله تعالى: {لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً}: أي: فجأة.
وقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا}: أي: كأنك ألحَحْتَ في طلب علمِها واستقصيتَ السؤال عنها فعَلِمْتَها، وقد أَحْفَى فلانٌ؛ أي: ألحَّ في المسألة، قال تعالى: {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا} محمد: ٣٧.
وقال الفرَّاء: كأنك فَرِحٌ به، يقال: حَفِيتُ به حفاوةً وتحفَّيتُ تحفِّيًا؛ أي: فرحتُ به وبَشَشْتُ (١): وتقديره: يسألونك عنها كأنك حفيٌّ به (٢).
وقيل: الحفيُّ: البَرُّ اللطيف، قال تعالى: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} مريم: ٤٧، وتقديرها: يسألونك عنها كأنك حفىٌّ بهم؛ أي: برٌّ لطيف، وروي أنهم قالوا: إن بيننا وبينك قرابةً فأخبِرْنا عن وقتها إكرامًا منك لنا وعطفًا علينا لقرابتنا، وإنْ كنت تكتمُها عن غيرنا (٣).
(١) في (أ): "وتشبثت" بدل: "به وبششت".
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ٣٩٩)، وفيه: (كأنك حفي بها). وذكره عنه الواحدي في "البسيط" (٩/ ٥٠٠) بلفظ: (بهم)، وعبارته: (كأنك حفيّ بهم إذا سألوك حين يسألونك عنها؛ أي: فرح بهم، فعلى هذا التقدير: يسألونك عنها كأنك حفيٌّ بهم؛ أي: بارٌّ بهم لطيف). قلت: وعلى ما قاله الواحدي فهذا الوجه كالذي بعده.
(٣) رواه بنحوه عبد الرزاق في "تفسيره" (٩٦٧)، والطبري في "تفسيره" (١٠/ ٦٠٤ و ٦١١)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٦٢٧).