وقيل: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ}؛ أي: الأصنامَ التي تدعونها آلهة (١) -فقد مر ذكر ذلك في الآيات التي قبلها- لم يكن منها جواب، لأنها لا تعقل، فدعاؤها والصمتُ عنها واحد (٢).
* * *
(١٩٤) - {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ}: أي: الأصنام التي تَدْعونها آلهةً عبادٌ للَّه أمثالكم، وإنما جعلها عبادًا له وهي جمادٌ؛ لأنَّها مخلوقة للَّه تعالى، وكلُّ مخلوقٍ للَّه فهو ذليلٌ للَّه تعالى كالعبد.
وقيل: في قوله: {عِبَادٌ} ألفُ الاستفهام مضمَرةً، وتقديره: أعبادٌ أمثالكم، وإضمارُها جائز كما في قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} البقرة: ٩؛ أي: أيخادعون اللَّه، وقولهِ: {هَذَا رَبِّي} الأنعام: ٧٦؛ أي: أهذا ربي، وهذا استفهام بمعنى النفي؛ أي: ليسوا بعبادٍ أمثالكم بل هي دونَكم، ودليلُه ما ذكر في الآية التي بعدها: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا} الآيةَ؛ أي: ألَا تأنَفون من عبادةِ ما هو دونكم في أنها ليست لها جوارحُ عاملةٌ ولكم ذلك.
وقوله تعالى: {فَادْعُوهُمْ}: هذا الدعاء غيرُ الدعاء المذكور في أول الآية؛ أي: هذا دعاء السؤال؛ أي: سَلُوا حوائجَكم هذه الأصنام.
وقوله تعالى: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}: أي: فليُجيبوكم إن كنتم صادقين (٣) أنها آلهة، وهو على وجه التوبيخ والإنكار.
(١) بعدها في (ر): "من عباد اللَّه أمثالكم وإنما جعلها عبادًا له وهي جماد مضمرة عاجزة".
(٢) في (ر): "والصمت منها سواء".
(٣) "أي: فليجيبوكم إن كنتم صادقين": ليس في (أ) و (ف).