وقال غيره: أي: كما أخرجك ربك من بيتك بالمدينة إلى الروحاء، فاذهب (١) من الروحاء إلى بدر.
وقيل: إنه نزع الأفعالَ من أيديهم بالحق كما أخرجك ربُّك من بيتك بالحق.
وقيل: أي: ما بينَّاه لك حق كما أن إخراجك من بيتك كان بالحق.
وقوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ} ولم يقل: كما خرجتَ، ولا: خرجوا؛ لأن الحامل لهم على الخروج إلى الروحاء طوعًا وطبعًا هو وعدُ اللَّه لهم إحدى الطائفتين أنها لهم، ولم يكن عندهم أنهم يحتاجون إلى القتال، فكان ذلك إخراجًا لهم.
قوله: {بِالْحَقِّ} قال الإمام أبو منصور: يحتمِل: بالحق الذي للَّهِ عليهم من الأمر بالخروج والقتال، ويحتمِل: بالوعد الذي وعَد من النصر والظفر.
وقيل: {بِالْحَقِّ}؛ أي: بالقرآن؛ أي: بالأمر في القرآن.
قوله تعالى: {وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: يحتمِل: فريقًا من المؤمنين في الظاهر وهم المنافقون كرهوا ذلك اعتقادًا، كما قال في صفتهم: {وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} التوبة: ٥٤، ويحتمِل أن يكون من المؤمنين في الحقيقة، ويكون هذا كراهيةَ طبعٍ لأنهم أُمروا به وهم غيرُ متأهِّبين له، وهو كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} البقرة: ٢١٦ (٢).
* * *
(٦) - {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}.
قوله تعالى: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ}: قيل: أي: في القتال، وقيل: أي: في الحق الذي وجب عليهم من ذلك.
(١) بعدها في (ف): "به".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ١٥٦).