ويحتمِل أنه جعَل قَتْلَهم قَتْلًا من نفسه، ورميَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رميًا من عند (١) نفسه؛ تشريفًا لأفعالهم بإضافتها إلى نفسه؛ لوقوعها له على الخلوص منهم في ابتغاء وجهه (٢).
وقوله تعالى: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا}: أي: وفعل ذلك ليُنْعِمَ على المؤمنين إنعامًا حسنًا بذلك، هذا مضمر.
وقيل: الإضمار في آخره: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا} أمرهم بالقتال.
والبلاء يقع على النعمة وعلى (٣) المحنة؛ لأن أصله الاختبارُ، وذلك يقع بالمحنة لإظهار الصبر، وبالنعمة لإظهار الشكر.
والاختبارُ من اللَّه تعالى: إظهارُ ما عَلِم كما عَلِم، لا تحصيلُ علمِ ما لا (٤) يَعلم.
وقيل: البلاء الحسنُ: توفيق الشكر في النعمة، وتحقيقُ الصبر في المحنة.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: يَحْسُن البلاء لأنه من اللَّه تعالى، ويَطيب لأنه في اللَّه.
قال: وحسنُ البلاء هو أن تَشهد المُبْليَ في عين البلاء.
قال: وقيل: البلاء الحسَن: ما لا دعوى فيه لصاحبه إن كان محبوبًا، ولا شكوى إن كان مكروهًا.
قال: ويقال: البلاءُ الحسن: ما لا ضجَر فيه إن كان عُسرًا، ولا بطَر فيه إن كان يُسرًا.
(١) "عند": ليس من (أ) و (ف).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ١٧٠ - ١٧١).
(٣) "على": من (أ).
(٤) في (أ) و (ف): "لم".