وقوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}: في النصر لهم.
وقال عبد الرحمن بن زيد: استفتحوا بالعذاب فعذِّبوا يوم بدر، وكان استفتاحهم بمكة: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} الأنفال: ٣٢، فجاءهم العذاب يوم بدر (١).
* * *
(٢٠) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}.
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ}: دعا في الآية الأولى الكفارَ إلى الإيمان، ودعا في هذه الآية المؤمنين عامةً إلى ما يُبقيهم على الإيمان، وهو طاعةُ اللَّه وطاعةُ رسوله.
وقوله تعالى: {وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ}: أصله: ولا تتولَّوا عنه، فحُذفت إحدى التاءين (٢) تخفيفًا؛ أي: ولا تُعْرِضوا عنه، ولم يقل: عنهما؛ لأنَّه صرفه إلى الرسول خاصةً، لأن التولِّيَ عنه تولٍّ عن اللَّه (٣)، وهو كقوله في هذه السورة: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} الأنفال: ٢٤، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} التوبة: ٦٢.
وقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}: أي: أمره ونهيه. وقيل: تلاوتَه كتابَ اللَّه عليكم.
وقيل: أي: تَقْبلون وتتأمَّلون ما يُورده عليكم؛ أي: هذه صفتكم فلا تعملوا بخلافِ ما تقتضيه حالتُكم.
* * *
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٩٢).
(٢) في (أ) و (ف): "إحداهما".
(٣) في (ف): "لأن التولي عن اللَّه تعالى تول عن رسوله".