وقوله تعالى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}: هو مصدر رابطْتُ العدوَّ مرابطةً ورِباطًا، وهو أن يَربط المسلمون خيولهم في الثَّغر بمقابلةِ ربطِ الكفار خيولَهم لقصد المسلمين، والمفاعَلة بين اثنين أو حزبين، وهو عطف على قوله: {مِنْ قُوَّةٍ}؛ أي: وأعدُّوا ما قدرتُم عليه من رميٍ ورباطِ الخيل.
وقوله تعالى: {تُرْهِبُونَ بِهِ}: أي: تخيفون بسبب الرباط الكفار، وهم {عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} وهو واحدٌ أريدَ به الجمع؛ كما في قوله: {هُمُ الْعَدُوُّ} المنافقون: ٤، وهم الكفار من المشركين واليهودِ الذين هم بقرب المسلمين ويعرفونهم.
وقوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ}: أي: وتُرهبون أعداءً آخَرين من دونهم؛ أي: سوَى هؤلاء.
قال مجاهد: هم بنو قريظة.
وقال السدِّي: هم أهل فارسَ.
وقال الحسن وابن زيد: هم المنافقون (١).
وقيل: هم كفَرةُ الجن، وهم يَفزعون من صهيل الخيل.
وروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إنهم الجنُّ" ثم قال: "إن الشيطان لا يُخبِّلُ أحدًا في دارٍ فيها فرسٌ عتيق" (٢).
(١) ذكره عنهم الماوردي في "النكت والعيون" (٢/ ٣٣٠) ورواه عنهم -عدا الحسن- الطبري في "تفسيره" (١١/ ٢٤٨ - ٢٤٩)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٧٢٣ - ١٧٢٤).
(٢) رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (٦٥٢ - زوائد)، والطبراني في "الكبير" (١٧/ ١٨٩)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٧٢٣)، وابن عدي في "الكامل" (٣/ ٣٦٠)، من حديث عريب المليكي. وذكره ابن كثير عند تفسير هذه الآية وقال: هذا الحديث منكر، لا يصح إسناده ولا متنه. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ٢٧): فيه مجاهيل.