وقال محمد بن سيرين: الحج الأكبر: العام الذي حجَّ فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، اتَّفق فيه حجُّ الملل (١).
* * *
(٤) - {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}.
وقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}: قيل: الاستثناء من الأمر بسياحةِ أربعة (٢) أشهر، ولهم تمامُ مدتهم.
وقال الزجَّاج: الاستثناء من براءة اللَّه ورسوله إلى المشركين (٣).
وقيل: من قوله: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.
والصحيح: أنه استثناء منقطع بمعنى: لكن، والبراءةُ والإنذار بالعذاب في حقِّ كلِّ الكفار، وتقديره: لكن الذين عاهدتم من المشركين {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا}؛ أي: لم يطعنوا في دينكم ولم يدلُّوا على عوراتكم ولم يَسْعَوا في نقيصةِ أمركم {يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا}؛ أي: لم يعاونوا عليكم عدوًا {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} فإنَّ حفظ العهد تقوى، قال اللَّه تعالى: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} آل عمران: ٧٦.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}: أي: الحافظين العهدَ.
(١) ذكره عن ابن سيرين النحاس في "معاني القرآن" (٣/ ١٨٣)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ١٢). ورواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٣٣٧) عن الحارث بن نوفل.
(٢) "أربعة" ليس من (أ) و (ف).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٤٣٠).