وفي هذه الآية نقضُ قول المعتزلة؛ لأنَّه سماهم مؤمنين بعد التولِّي؛ قاله الإمام أبو منصور رحمه اللَّه (١).
وقوله تعالى: {وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا}: أي: من الملائكة {وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا} بالهزيمة والقتل والسبي.
قص له تعالى: {وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ}: إذا لاقَوا المؤمنين أن يكون الدَّبرة على الكافرين والنصرة للمؤمنين.
قال القشيري رحمه اللَّه: السكينة ثَلَجُ القلب عند جريان حكم الربّ وخمود آثار (٢) البشرية بالكلية، والرضا بما يبدو من الغيب من غير معارضةِ القضية، والسكينةُ المُنزلة على المؤمنين اختطافُ الحق إياهم عنهم حتى لم تستفزَّهم رهبةٌ من مخلوق، وسكن عنهم كلُّ إرادة واختيار.
{وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} من وفور اليقين وزوائد الاستبصار {وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا} بتطويحهم في متاهات التغرير (٣)، والسقوطِ في وهدة ضيق التدبير، والغيبة عن شهود التقدير (٤).
* * *
(٢٧) - {ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
قوله تعالى: {ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: ثم
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٣٢٦).
(٢) في (ر): "نار".
(٣) في (ت): "التعزير". وعبارة "التأويلات": (بالتطوح في متاهات التفرقة).
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ١٩)، وما بين معكوفتين منه.