(٣١) - {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
وقوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}: أي: أطاعوا علماءهم وعُبَّادهم فيما أمروهم به من الاعتقاد والعمل طاعةَ العبيد الأرباب.
وقوله تعالى: {أَرْبَابًا}؛ أي: كالأرباب، وهو كقوله: {حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا} الكهف: ٩٦ أي: كالنار.
وعن عدي بن حاتم قال: أتيتُ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وكنتُ نصرانيًّا، فوافَقْتُه يقرأ سورة براءة، فبلغ قوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} فقلت: يا رسول اللَّه! ما نعبدُهم من دون اللَّه، قال: "أليس يحلُّون لكم ما حرَّم اللَّه عليكم فتستحلُّونه، ويحرِّمون عليكم ما أحلَّ اللَّه لكم فتحرِّمونه؟ " فقلت: بلى، فقال: "تلك عبادتهم" (١).
وقال أبو البَخْتريِّ: أمَا إنهم لو أَمروهم أن يعبدوهم من دون اللَّه ما أطاعوهم، ولكن كفَّروهم فجعلوا حلالَ اللَّه حرامًا وحرامَه حلالًا، فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية.
وقوله تعالى: {وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ}: أي: اتَّخذوه إلهًا معبودًا.
وقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا}: أي: إلا أن يعبدوا إلهًا واحدًا؛ كما في قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} النساء: ٢٦، وقد كشفنا عن حقيقته.
(١) رواه الترمذي (٣٠٩٥)، وقال: حديث غريب. . . وغطيفُ بن أَعْيَنَ (أحد رواته) ليس بمعروف في الحديث.