وقوله تعالى: {وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}: أي: على كراهيةِ اليهود والنصارى؛ إذلالًا (١) لهم وكبتًا وغيظًا.
وقال القشيري رحمه اللَّه: مَن رام أن يستر شعاع الشمس بدخان نيرانه، أو عالَج أن يدفع حكم السماء بحيلته وتدبيره (٢)، أو يُسقطَ نجوم الفلك بسهام تقديره، أظهر رعونتَه ثم لم يحظَ بمراده، كذلك مَن توهم أن حُجج التوحيد يعلوها رهجُ الشُّبَه فقد أحال في ظنَّه وافتضح في وهمه (٣).
* * *
(٣٣) - {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}.
وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ}: أي: محمدًا {بِالْهُدَى}؛ أي: بالتوحيد.
وقيل: بفرائض (٤) اللَّه على خلقه.
وقال الكلبي: أي: بالقرآن الذي يهدي إلى الرشد.
{وَدِينِ الْحَقِّ}: أي: الإسلام، وإضافته إلى الحق لوجهين:
أحدهما: أن الحق هو اسم اللَّه، والمراد دينُ اللَّه.
والثاني: أن الحق هو الإسلام، لأنه حقٌّ والكفر باطل، ويجوز أن يقال: دين الإسلام؛ أي: طريق الإسلام وملة الإسلام وشريعة الإسلام.
(١) في (ف) و (أ): "إضلالًا".
(٢) في (أ): "بمجيء تدبيره"، وفي (ر) و (ف): "بمحن تدبيره"، والمثبت من "لطائف الإشارات".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٢٢).
(٤) في (ر) و (ف): "بفرض".