ليتأهَّب الناس، فأمرهم بالجهاد وأخبرهم بالوجه الذي يريد، فلما علم اللَّه عز وجل تثاقُل المسلمين أنزل هذه الآية (١).
قال الإمام القشيري رحمه اللَّه: الجنوحُ إلى التكاسُل والاسترواحُ إلى التغافُل من أمارات ضعف الإيمان؛ إذ الإيمان غريم ملازمٌ لا يرضى من العبد بغيرِ ممارسةِ الأشقِّ وملابَسة الأحق (٢).
قال أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: بايعنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على السَّمع والطاعة في العسر واليسر والمَنشَط والمَكرَه، بل بايعناه على الموت.
ثم قال: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ}: هل يَجمل (٣) بالعابد أن يختار دنياه على عُقباه؟ أم هل يَحْسُن بالعارف أن يُؤْثِر هواه على رضا مولاه، وغيبةُ يوم من الزاهد (٤) عن الباب تَعدل شهورًا، وغيبة لحظة من العارف عن البساط تَعدلُ دهورًا، وأنشدوا:
الإلفُ لا يصبرُ عن إلفِهِ... أكثرَ مما تَطْرفُ العَين
وقد صَبَرْنا عنكم ساعةً... ما هكذا فعلُ المحبِّين (٥)
* * *
(٣٩) - {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٤٦).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٢٥).
(٣) في (ف): "يحمد"، وفي (أ) و (ر): "يحمل"، والمثبت من "اللطائف".
(٤) في (ر) و (ف): "الدهر"، والمثبت من (أ) و"اللطائف".
(٥) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٢٥ - ٢٦).