وقيل: أي: عليمٌ بمن يوجِّه أفعاله عن (١) وجوهها ويضعُها غيرَ موضعها.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أي: لا عن جهلٍ أَمهَلهم على ما هم عليه، لكنه أخَّرهم ليومٍ، قال اللَّه تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} الآية إبراهيم: ٤٢ (٢).
وقال القشيري رحمه اللَّه: أَخبر اللَّه تعالى في هذه الآية عن سابق علمه فيهم، وذكَر ما عَلِم أنه لا يكون أنه (٣) لو كان كيف كان يكون.
وقال: لو ساعدوكم في الخروج لكان يَلحقُكم من سوء سيرتهم في التضريب بينكم والنميمةِ فيكم والسعي فيما يسوؤكم أكثرُ مما ينالكم بتخلُّفهم من نقصان عددكم، ومَن ضرُّه أكثرُ مِن نَفْعه فعَدَمُه خيرٌ مِن وجوده، ومَن لا يَظهر مِن حضوره غيرُ شروره فتخلُّفُه خيرٌ من حضوره (٤).
* * *
(٤٨) - {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ}.
وقوله تعالى: {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ}: في الوقائع، منها في حرب الخندق بقولهم: {يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} الأحزاب: ١٣، وفي حرب أحدٍ بانصراف ابن أبيٍّ بأصحابه وهم ثلاثُ مئة، وبقي النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في أصحابه وهم (٥) سبعُ مئة، وقد
(١) في (ف) و (أ): "غير".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٣٨٢).
(٣) في (ف): "وأنه"، وفي "اللطائف": (أنْ).
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٢).
(٥) "أصحابه وهم" ليس في (أ).