وقال: شهودُ جريانِ التقدير يخفِّف على العبد كلَّ عسير.
وقال: أول التوكُّل الثقةُ بوعده، ثم الرضا باختياره، ثم نسيان أمورك بما يغلب على قلبك من أذكاره.
وقال: بداية التوكُّل سكونُ السرِّ عند حلول الأمر، ونهايتُه التفويضُ وهو استواءُ الحلو والمرّ والنعمة والضرّ (١).
* * *
(٥٢) - {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ}.
وقوله تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}: {هَلْ} استفهامٌ بمعنى النفي، والتربُّص: الانتظار، و {الْحُسْنَيَيْنِ}: تثنيةُ الحُسنى، والحُسنى تأنيثُ الأحسن، والأحسنُ تفضيلُ الحسَن، وأريد به نعتُ الحالتين أو الخصلتين.
ومعناه: قل يا محمد: ما تنتظِرون يا معشر المنافقين بنا إلا واحدةً من خَصلتين، وكلُّ واحدة منهما نهايةٌ في الحُسن غايةٌ فيما يُحمد في العاقبة (٢)، وهي الغنيمة أو الشهادة، فليس مما يجري علينا من جهتكم موضعُ شماتة.
قال الكلبي: {إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}: النصر أو الشهادة.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أي: إمَّا أن ثُقتلَ ففيه الحياةُ والرزقُ، وإمَّا أن نَغْلِب فيؤتيَنا اللَّه أجرًا عظيمًا، قال اللَّه تعالى: {وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} النساء: ٧٤ (٣).
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٣ - ٣٤).
(٢) في (أ): "من العافية".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٤٩٧).