قالوا: عابهُ الجهَّال بما هو آيةُ كرمه وغايةُ حُسن شِيَمه، قال عليه السلام: "المؤمنُ غِرٌّ كريم، والمنافق خِبٌّ لئيم" (١).
وقيل: العاقل هو الفَطِنُ المتغافل، وأنشدوا في معناه:
وإذا الكريمُ أتيتَه بخديعةٍ... فرأيتَه فيما تَرُومُ يُسارِعُ
فاعْلَمْ بأنك لم تخادِعْ جاهلًا... إنَّ الكريم بفَضْلهِ مُتخادِعُ
* * *
(٦٢) - {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ}.
وقوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ}: أي: يعتذر هؤلاء ويحلفون باللَّه (٢) كاذبين ليُزيلوا سَخَطكم.
{وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ}: أي: يحقُّ عليهم في إزالة سَخَطكم أن يُخلصوا، فإذا فعلوا ذلك أرضَوا اللَّه ورسوله فيرضى المؤمنون به؛ لأن اللَّه تعالى إذا رضي عن العبد أرضى عنه الناس.
ثم إنه قال: {أَنْ يُرْضُوهُ} على التوحيد -مع سَبْقِ ذكر اللَّه ورسولهِ- لأنه أراد: أن يرضوا الرسولَ، وإرضاؤه إرضاءُ اللَّه تعالى؛ كما قال {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} النور: ٤٨، لأن حكمَه حكمُ اللَّه.
وقيل: إنه لا يُذكر بعد ذكر اللَّه ورسوله كنايةٌ ترجعُ إليهما (٣)؛ لأنَّه تسويةٌ بينهما،
(١) رواه أبو داود (٤٧٩٠)، والترمذي (١٩٦٤)، من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه، وفيهما: "والفاجر" بدل: "والمنافق". قال الترمذي: (غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه).
(٢) في (ر) و (ف): "ويحلفون عليه".
(٣) في (ف): "عليهما". وهذا الذي قاله المؤلف هو في القرآن كما قال لكنه منقوض في السنة =