وقوله تعالى: {وَإِنْ يَتَوَلَّوْا}: أي: عن التوبة عن النفاق (١) {يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا} باللعن وهتك السِّتر والجلاء والسَّبي والقتل {وَ} في (٢) {الْآخِرَةِ} بعذابِ النار أبدًا.
وقوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ}: أي: في الدنيا {مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}: أي: مَن يتولَّى الذبَّ عنهم إذا نزل عذابُ الدنيا، ولا مَن ينصرُهم فيمنعُ اللَّه عن تعذيبهم، ولم يذكر الآخرة لأن الملكَ يومئذ للَّه فلا وليَّ ولا نصير يومئذ لأحد، فأما في الدنيا فقد يكون للإنسان وليٌّ ونصير، وهؤلاء ليس لهم في الدنيا ذلك.
وقيل: أي: ما لهم مَن يوالونهم ويتعصَّبون لهم، ولا مِن أعوانهم والقائمين بنصرتهم في هذه الدنيا مَن يصرفُ عنهم العذاب في العُقبى.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: ولمَّا نزل {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ} قام الجلاس فقال: أسمع اللَّه يَعْرِض عليَّ التوبة، واللَّه لقد قلتُ هذا، وإن الذي أخبر عني لصادقٌ، فتاب وحسُنت توبته (٣).
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: تمنَّوا زوال دولة الإسلام، فأبى اللَّه إلا إعلاءَ أمرِها على الدوام.
{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ}؛ أي: وما عابوهم إلا بما هو أجلُّ الخصال، فلم يحصلوا إلا على الخزي والنكال.
(١) "عن النفاق" من (أ).
(٢) "في" من (أ) و (ف).
(٣) ذكره عن عطاء عن ابن عباس الواحدي في "البسيط" (١٠/ ٥٥٧). وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٧٠)، والواحدي في "البسيط" (١٠/ ٥٥٧)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ٧٠)، عن الكلبي. ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٨٣٠٣)، والطبري في "تفسيره" (١١/ ٥٧٦)، عن عروة بن الزبير، وهو عندهم متصل بقصة قوله: (لنحن شر من الحمير).