وقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ}؛ أي: وسَّع علينا المالَ {لَنَصَّدَّقَنَّ}؛ أي: لنتصدَّقن، أُدغمت التاء في الصاد وشُدِّدت؛ أي: لنصرفنَّ (١) في وجوه الخير من الجهاد وغيره {وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِين}.
قيل: مِثْلَ عثمان بنِ عفان وعبدِ الرحمن بن عوف في البذل والسخاء.
* * *
(٧٦) - {فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}.
{فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}: ووسَّع اللَّه عليهم الدنيا {بَخِلُوا بِه}؛ أي: بالفضل، فمنعوا حقوقه {وَتَوَلَّوْا}؛ أي: عن طاعة اللَّه وطاعة رسوله في أداء حقوق الأموال {وَهُمْ مُعْرِضُونَ}؛ أي: عن الإسلام وأحكامه.
* * *
(٧٧) - {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}.
{فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا}: قال مجاهدة فأعقبهم اللَّهُ نفاقًا (٢)؛ أي: جعل عاقبةَ ذلك نفاقًا.
{فِي قُلُوبِهِمْ}؛ أي: ترديدًا واضطرابًا في العقيدة، وشكًّا في الإسلام، وهذا من اللَّه تعالى جزاءٌ لهم على بخلهم.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: ويحتمِل: فأَعقبهم دوامًا على نفاقهم (٣)،
(١) في (ف): "لنصدقن".
(٢) ذكره الجصاص في "أحكام القرآن" (٤/ ٣٥٠)، والواحدي في "البسيط" (١٠/ ٥٦٤) بلفظ: (أعقبهم اللَّه ذلك بحرمان التوبة كما حرم إبليس).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٤٣٣).