وقيل تخصيص طائفةٍ منهم تخصيصُ رؤسائهم.
وقد روى شعبة عن قتادة أنهم كانوا اثني عشر رجلًا (١).
وقوله تعالى: {فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ}: أي: معك إلى غزوة أخرى {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا}؛ أي: فامنعهم عن الخروج معك للقتال، عاقِبْهم بأنْ لا تستصحِبَهم (٢) استخفافًا بهم، ودلالةً على سقوط محلِّهم والاستغناء في الأمور عنهم.
وقوله: {إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} فلم تخرجوا إلى تبوك {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} قال الحسن وقتادة: أي: مع النسوان والصبيان (٣).
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أي: مع مَن تخلَّف من المنافقين بغيرِ عذرٍ (٤).
وقيل: مع مَن تخلَّف عن الجهاد بعذرٍ من العميان والزَّمْنى.
وقيل: مع أهل الفساد، من قولهم: خَلَف فوهُ خُلوفًا: إذا تغيَّر إلى الفساد.
وقال القشيري رحمه اللَّه: يقول: لا تنخدعْ لتملُّقهم، ولا تَثِقْ بقولهم، ولا تمكِّنْهم من صحبتك فيما يظهرونه من الوفاق، بعد ما ظهر وتقرَّر منهم الكذب والنفاق، وإذا انقطع سلكُ العهد لم يحتمل الشدّ، وإذا اتَّسع الخرقُ لم ينفع بعده الرقع (٥).
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٦٠٩) من طريق سعيد عن قتادة. وسعيد هو ابن أبي عروبة، فلعل كلمة (شعبة) في النسخ محرفة عن: (سعيد).
(٢) في (ف): "تصحبهم".
(٣) ذكره عنهما الماوردي في "النكت والعيون" (٢/ ٣٨٨). ورواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٦٠٩) عن قتادة بذكر النساء فقط.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٧٨)، والماوردي في "النكت والعيون" (٢/ ٣٨٨). ورواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٦٠٩) بلفظ: (والخالفون الرجال).
(٥) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٥٠). وفيه: (. . . وإذا وهن سلك العهد. . .)، وهو الصواب، فإن المنقطع لا يصلح ذكر الشد معه، وإنما يكون ذاك للَّذي وهن.