كان ألقَى إليهم أبو عامر أنه يأتي مسجدَهم فيصلِّي فيهم، ويكون له ولهم الظهور على المسلمين، فلا يزال ذلك في قلوبهم (١).
وقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ}: قرأ ابن عامر وحمزةُ وعاصم في رواية حفصٍ بفتح التاء، وأصله: تتقطَّع، فحذفت إحداهما تخفيفًا، وقرأ الباقون بضمِّها (٢)، وهو ما لم يسمَّ فاعله من التقطيع (٣).
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: هو الموت (٤).
وقال عكرمة: هو في القبر (٥).
وقال المبرِّد: تقطُّع القلب: تشقُّقه وانصداعه ولا بقاء مع ذلك، وهو كقوله تعالى: {لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} الحاقة: ٤٦، وهو نياط القلب، والحياةُ تنقطع عند إنقطاعه، وهذا إخبار بموتهم على نفاقهم وإصرارهم عليه حالَ حياتهم.
وقيل: معناه: إن خطأهم وضلالهم فيما قصدوه ببناء هذا المسجد لا يزول عنهم إلا أن يموتوا فيستيقِنوا بالمقتِ (٦)؛ لأنَّه حالُ زوال الشكوك.
وقال المبرد: أي: لا يزال هدمُ بنيانهم غيظًا في قلوبهم إلى الموت، قال الشاعر:
قضَيْنا من تِهَامةَ كلَّ ريبٍ... وخيبرَ ثم أَجمَمْنا السيوفا (٧)
(١) بعدها في (ف): "أي شكًا وشبهة".
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٣١٩)، و"التيسير" (ص: ١٢٠).
(٣) في (ف): "التقطع".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٦٩٨).
(٥) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٨٨٦).
(٦) في (أ): "بالموت".
(٧) البيت لكعب بن مالك رضي اللَّه عنه. انظر: "طبقات الفحول" (١/ ٢٢١).