وقيل: لا يصح للمؤمن أن يتعصَّب لنفسه بحالٍ؛ لأنها ليست له ومشتريها أولى بها من صاحبها الذي هو أجنبيٌّ عنها.
وحُكي عن الجنيد أنه مرض مرضًا، فدعا اللَّه تعالى أن يَشفيه، فنودي في السرِّ: يا فضولي، لمَ تَدخُل بيني وبين نفسك، أما علمت أن نفسك لي أتصرَّفُ فيها كيف شئت.
وقيل: أخبر أنه اشتراها لئلا يدَّعيَ العبد فيها ولا يساكنَها ولا يلاحظَها ولا يُعجب بها.
وإنما قال: {أَنْفُسَهُمْ} ولم يقل: قلوبَهم؛ لأنها فيها فدخلت في الحُكم معها.
وقيل: ذكَر النفوسَ والأموال، وجعَل الجزاء عليهما الجنة، فأما القلوب فعطاؤها رؤيتُه عز وجل.
وقيل: ذكر شراءَ النفوس والأموال لأنها مَعيبةٌ، ولا يَرغب المشترون (١) في شراء المعيب، فاشترى هو ذلك بكرمه ترويجًا لِمَا كسَد على العبد امتنانًا عليه.
وقيل: اشترى النفوس منهم بالثمن فوهبوا القلوب له شكرًا لذلك.
وقيل: القلوب ليست في أيديهم (٢) فلا يقدرون على تسليمها، ولا يُشتَرى ما لا يمكن تسليمه كالطير في الهواء والسمك في الماء.
وقال أبو عليٍّ الدَّقَّاق: القلوب موقوفةٌ على محبة اللَّه تعالى والوقف لا يشترى.
وقال في قوله تعالى: {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ} ولم يقل تعالى:
(١) في (ف): "المشتري".
(٢) في (ف) و (أ): "أيديهم".