وقيل: أي: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} من المجاهدين وغيرهم، لمَّا خَصَّ المجاهدين بقوله: {فَاسْتَبْشِرُوا} سكَّن قلوب القاعدين بعذرٍ بقوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} لئلا يَقْنطوا.
* * *
(١١٣) - {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}.
وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}:
اتصالها بما قبلها: أنها حثٌّ للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين على قطعِ موالاة المشركين أحيائِهم وأمواتهم، قريبهم وبعيدهم؛ تأكيدًا لِمَا أمرهم به من الجهاد؛ إذ لا يَتهيَّأ ذلك مع الأقارب خصوصًا إلا بقطع الموالاة والوداد (١).
و {مَا كَانَ} تأكيدُ نفيٍ (٢)؛ كما في قوله تعالى: {مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا} (٣) النمل: ٦٠، {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} مريم: ٣٥، {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ} آل عمران: ١٤٥، {مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} يوسف: ٣٨، {وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} يوسف: ٧٣.
وتقديره: يَبعُد من أخلاقهم أن يسألوا اللَّه تعالى مغفرةَ المشركين وإن كانوا أقرباءهم بعد أن عرفوا أنهم أعداءُ اللَّه، والمستوجِبون سخطَ اللَّه، والمستحِقُّون عذابَ اللَّه تعالى.
(١) في (ف): "والوارد".
(٢) في (أ): "تأكيد بقي"، وفي (ر): "تأكيدًا للنفي".
(٣) في (ف): "تؤذوا رسول اللَّه"، بدل: "تنبتوا شجرها".