وقوله تعالى: {تِلْكَ}: قال أبو عبيدة: أي: هذه (١)، كما مرَّ في أوَّل (سورة البقرة): {ذَلِكَ الْكِتَابُ} البقرة: ٢.
وقال الزَّجَّاج: أي: الآيات الَّتي تقدَّم ذكرُها قبلَ هذه السُّورة (٢).
وقيل: لَمَّا كانت {الر} اسم السُّورة، فقوله: {تِلْكَ} إشارةٌ إليها، وهو كقولهم: هند هي الكريمة.
وقوله تعالى: {آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ}: أي: الآتي بالحكمةِ.
وقيل: أي: المحكم عن التَّناقض والتَّغيير والتَّبديل.
وقيل: أي: الحاكم، كالعليم بمعنى العالم؛ أي: فيه بيان الأحكام.
وهذا كلُّه صفةُ القرآن.
وقيل: هو صفةُ اللَّوح المحفوظِ، كما قال تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} الزخرف: ٤. وعلى هذا تكون {تِلْكَ} إشارةً إلى الغائب على ظاهر وصفِه؛ أي: هذه السُّورة تلكَ آياتُ الكتابِ المكتوبةُ في اللَّوح المحفوظ، وكَّلْنَا بحفظِها الثِّقات، ثمَّ أوحيناها إليك في أوقاتٍ.
وقيل: أي: هذه تلك الآيات الموعودة لك يوم الميثاق.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: ذلك الكتاب الذي وعدْتُكم به، وقد حقَّقنا لكم الميعاد، وأوصلنا لكم أسباب الوداد، وانقضى عنكم زمان البِعاد، فاستقيموا على نهج الأحباب، وتمسكوا بوثائق الأسباب (٣).
(١) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (١/ ٢٧٢).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ٥).
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٧٧).