وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ}: مِن ماءٍ حارٍّ مغليٍّ قد انتهى حرُّه، وهو في جهنَّم، ومن صفتِه أنَّه كالمُهلِ يشوي الوجوهَ، وأنَّه يقطِّع أمعاءَهم.
وقوله تعالى: {وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}: أي: عذابٌ يَخلصُ وجعُه إلى قلوبِهم بكفرِهم.
* * *
(٥) - {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا}: أي: خلقَ الشَّمسَ فجعلَها {ضِيَاءً} للخلق بالنَّهار.
{وَالْقَمَرَ نُورًا}؛ أي: وخلق القمرَ فجعلَه نورًا لهم باللَّيل.
والضِّياءُ نورٌ معه حرٌّ، والنُّورُ لا حرَّ معه، والضِّياءُ أعمُّ وأتمُّ مِن النُّور، والضِّياءُ والنُّورُ مصدران جُعِلا نعتَيْن.
وقال الكلبيُّ: جعلَ الشَّمسَ ضياءً بالنَّهارِ، والقمرَ نورًا باللَّيل، تضيءُ وجوههُما لأهل السَّماواتِ، وظهورُهما لأهلِ الأرض.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: للعقول نجومٌ، وهي للشَّياطين رجومٌ، وللعلوم أقمارٌ، هي أنوارٌ واستبصارٌ، وللمعارف شموسٌ، ولها على أسرار العارفين طلوعٌ. وقد قيل:
إنَّ شمسَ النَّهارِ تغربُ باللَّيـ... لِ وشمسُ القلوبِ ليسَ تغيْبُ (١)
(١) للحلاج، كما في "تاريخ الطبري" (١١/ ٢٣٣)، وهو في "ديوانه" (ص: ٢٣)، وقبله: =